قال المفكر أحمد ديدات رحمه الله في إحدى مناظراته عن المسيحية " أن كل مسيحي هو يعتبر حالة منفردة بذاته " وقد صدق ديدات في قوله ذلك فلقد لمست أنا ذلك بحواري مع أكثر من شخص مسيحي حول نقطة معينة وكان يرد كل واحد برد خلاف الأخر بوجهة نظر خاصة مقنعا نفسه تمام الإقناع بها . ولعلي أثير لكم تلك النقطة الحوارية الهامة في العقيدة المسيحية بل في العقائد السمـــاوية الثلاث ( اليهودية والمسيحة والإسلام ) .
ويمكن بلورة النقطة الحوارية تلك في سؤال واحد جامع وهو: لمن بعث المسيح ؟ ولماذا ؟
مع أحد الأشخاص الإصدقاء الذين طرحت عليهم السؤال قال مجيبا " بعث المسيح لخلاص العالم " فقلت مما ؟ قال " من الخطية " قلت خطية من ؟ فقال " خطية آدم "! قلت تقصد أنه بعث للعالم كله ؟ قال وبكل تأكيد وحزم " بالطبع نعم " قلت له ولكن المسيح نفسه صرح بغير هذا . قال " كيف ؟! " قلت له اقرأ إنجـيــــــلك ( متى 15 : 24 ) حيث يقول يسوع " لم أرسل إلا إلى خراف بيت إسرائيل الضــالة " ولهذا هو لهم فقط بعث . أما لماذا بعث فإنجيلك يقول خلاف ما قلته أنـــــت ، ففي ( رومية 5 : 13 ) حيث يقول بولس الرسول في رسالته إلى اهل رومية " فإنه حتى الناموس كانت الخطية في العالم على أن الخطية لا تحسب إن لم يكن نامـــوس " والناموس هو شريعة موسى وتوراته وأسفار الأنبياء لبني إسرائيل ، إذا فلقد فصل الناموس بين الخطيئة في عهد آدم أو عهد ابنيه وبين ظهور بني إسرائيل فالناموس كان كهادٍ للخطاة والعصاة ليصلحوة بتطبيقه خطـــأهم . أما يسوع فقد جاء من بني إسرائيل بعد فترة من موسى وعلى أساس نص الإنجيل فلقـد بُعــث ( لخلاص ) بني إسرائيل من معصيتهم وليس لخلاص العالم من خطيئة آدم أو ابنيه إذ قد تولى ذلك الناموس .
أما بالنسبة للخلاص فيسوع ليس مُخَلّصاً فهو ليس إلا هاديا وعلى أساس تمام الهداية يكون الخلاص وفي هذا يقول يسوع " أنا هو نور العالم . من يتبعني فلا يمشي في الظلمة بل يكون له نور الحياة " ( يوحنا 8 : 12 ) وهذا تأكيد الإنجيل على أنه بعث هاديا على أساس اتباع ولم يبعث مخلصا على أساس صلب . وهذا ليس كلامي أو ادعائي بل هو الواضح في نص أيات الإنجيل .