2008-11-08, 09:41 AM
العاطلون .. بقلم: مصطفي بكري
27th May
بكل ثقة وقف د. أحمد نظيف رئيس مجلس الوزراء ليؤكد أن البطالة في مصر هي في معدلها الطبيعي، وأن عدد العاطلين في البلاد لا يتجاوز 2 مليون نسمة.. كانت كلماته قاطعة وحاسمة، قال: إن قوة العمل في البلاد بلغت 23 مليونا و375 ألفا ومن ثم فإن نسبة العاطلين تساوي تقريبا 9 % .. لقد جاءت كلمات د. أحمد نظيف بمناسبة الاستجواب المقدم مني ومن سبعة زملاء آخرين حول ازدياد معدلات البطالة في البلاد.
والحقيقة أن كلام الدكتور نظيف يكذبه الواقع والحقائق التي يدركها كل مصري، فالعاطلون مكدسون في الشوارع والحواري والبيوت، ومعدلات البطالة السافرة وفقا لمفهوم الباحثين عن فرص العمل وصلت إلي 25 % من حجم قوة العمل، في حين وصلت البطالة وفقا للمفهوم الصحيح أي الباحثين عن عمل جيد يتفق مع مهاراتهم إلي 50 % .
لقد أراد د. نظيف ورجال حكومته أن يطمئنوا الشارع المصري إلي أن كل شيء علي ما يرام ونسوا أو تناسوا أن الناس تعرف الحقيقة لأنها تعيش الواقع المرير، فالشباب العاطل والآباء الذين تمت إحالتهم إلي المعاش المبكر هم خير مثال علي ذلك.
لقد أعلنت الهيئة العليا للتشغيل التي ترأسها رئيس الوزراء في عام 2001 عن مسابقة للعمل فقام سبعة ملايين عاطل بسحب استماراتها وتقدم إليها 4.4 مليون عاطل، وكان حجم الوظائف المعلن عنه هو 170 ألف فرصة.
ومع التصفيات التي جرت تم ابعاد 53.3 % لا تنطبق عليهم الشروط في حين جري قبول أوراق 46.5 % تم تصفيتهم بعد ذلك إلي 170 ألف متقدم.
وإذا كان عدد العاطلين وفقا لهذه المسابقة قد بلغ 4.4 مليون علي الأقل في هذا الوقت من عام 2001، فما بالك بالموقف في الوقت الراهن.
لقد أكد مركز التخطيط القومي في دراسة هامة أن البطالة انعكست بالسلب علي الأوضاع الاجتماعية في البلاد حيث تزايدت معدلات الجريمة لتبلغ حدا فاق التوقعات حيث ثبت أن أكثر من 60 % من جرائم القتل والاغتصاب يرتكبها عاطلون، كذلك الأمر بالنسبة للقضايا الأخري خاصة السرقة بالإكراه وغيرها من الجرائم الخطيرة التي تزايد حجمها بالبلاد.
وهناك العديد من الدراسات التي أكدت أن معدلات الانتحار بسبب البطالة في ازدياد، وأن أحد مراكز الدراسات الاجتماعية أحصي انتحار أكثر من 3500 شخص عاطل علي مدي عامي 20052006 .
وفي نهاية ديسمبر من العام الماضي نشرت الصحف وقائع انتحار شاب يدعي عبدالحميد ربيع حصل علي دبلوم الزراعة منذ ثماني سنوات، ووالده أحيل علي المعاش المبكر ودفع قيمة ما حصل عليه لزواج إحدي بناته الأربع، واضطر للعمل بائعا للترمس علي كورنيش مدينة المنيا، مما دفع نجله عبدالحميد للسفر إلي القاهرة بحثا عن فرصة عمل، وبعد أن فشل قرر الانتحار في ترعة المريوطية حيث عثر علي خطاب داخل ملابسه يحكي فيه مآساته ويلعن الظروف الاجتماعية التي دفعته إلي الموت والانهيار، لقد تعلل رئيس الوزراء بالنمو السكاني المطرد وكأنه يريد أن يبرئ ساحة حكومته ونسي أو تجاهل أن بلدا مثل الهند وصل عدد سكانه إلي مليار نسمة في حين أن معدلات البطالة لم تزد علي 3.5 % ، أما بالنسبة لماليزيا التي يتزايد فيها النمو السكاني ليصل إلي 2.4 % في حين أنه في مصر لم يصل إلي 1.9 % فإن حجم البطالة في ماليزيا وصل فقط إلي 3.7 .
إذن.. كلها حجج واهية وادعاءات الهدف منها تبرير عجز الحكومة عن توفير فرص العمل للشباب بسبب السياسات الاقتصادية الخاطئة التي أدت إلي تكبيل البلاد بديون داخلية وخارجية تصل إلي نحو 668.8 مليار جنيه أي ما يوازي حوالي أكثر من 124 % من حجم الناتج القومي المحلي.
إنها سياسات فاشلة، تأتي علي حساب الأغلبية الكاسحة من المواطنين من أجل حفنة محدودة ممن سيطروا علي الثروة والسلطة فانعكس ذلك علي تراجع معدلات النمو، وافقار الشعب واختفاء الطبقة الوسطي، وزيادة حجم البطالة في البلاد.
إن المطلوب فورا هو إقالة هذه الحكومة الفاشلة وتشكيل حكومة جديدة ترعي مصالح الشعب وتعترف بالواقع المرير، وفي مقدمته الحجم الحقيقي للبطالة والذي تقدره بعض المصادر بما يقارب من 6 8 ملايين عاطل.
إن الذين يتحدثون عن السلبية والتطرف وزيادة معدلات الجريمة عليهم أن يدركوا أولا أن هذه المشاكل نتاج طبيعي لسياسات الحكومات المتعاقبة منذ صدور أول قانون لرأس المال الأجنبي والعربي في عام 1974 .
وإذا أردنا حقا الإصلاح فلن يكون أمامنا سوي أن نعيد قراءة الواقع جيدا، وأن نحدد انحيازاتنا والعودة مرة أخري إلي سياسة التخطيط، ووضع برنامج مستقبلي لحل مشاكل البلاد، ومقاومة الفساد، واحتكار الثروة.. هنا فقط يتولد الأمل، أما غير ذلك فكل شيء معرض للانهيار.
27th May
بكل ثقة وقف د. أحمد نظيف رئيس مجلس الوزراء ليؤكد أن البطالة في مصر هي في معدلها الطبيعي، وأن عدد العاطلين في البلاد لا يتجاوز 2 مليون نسمة.. كانت كلماته قاطعة وحاسمة، قال: إن قوة العمل في البلاد بلغت 23 مليونا و375 ألفا ومن ثم فإن نسبة العاطلين تساوي تقريبا 9 % .. لقد جاءت كلمات د. أحمد نظيف بمناسبة الاستجواب المقدم مني ومن سبعة زملاء آخرين حول ازدياد معدلات البطالة في البلاد.
والحقيقة أن كلام الدكتور نظيف يكذبه الواقع والحقائق التي يدركها كل مصري، فالعاطلون مكدسون في الشوارع والحواري والبيوت، ومعدلات البطالة السافرة وفقا لمفهوم الباحثين عن فرص العمل وصلت إلي 25 % من حجم قوة العمل، في حين وصلت البطالة وفقا للمفهوم الصحيح أي الباحثين عن عمل جيد يتفق مع مهاراتهم إلي 50 % .
لقد أراد د. نظيف ورجال حكومته أن يطمئنوا الشارع المصري إلي أن كل شيء علي ما يرام ونسوا أو تناسوا أن الناس تعرف الحقيقة لأنها تعيش الواقع المرير، فالشباب العاطل والآباء الذين تمت إحالتهم إلي المعاش المبكر هم خير مثال علي ذلك.
لقد أعلنت الهيئة العليا للتشغيل التي ترأسها رئيس الوزراء في عام 2001 عن مسابقة للعمل فقام سبعة ملايين عاطل بسحب استماراتها وتقدم إليها 4.4 مليون عاطل، وكان حجم الوظائف المعلن عنه هو 170 ألف فرصة.
ومع التصفيات التي جرت تم ابعاد 53.3 % لا تنطبق عليهم الشروط في حين جري قبول أوراق 46.5 % تم تصفيتهم بعد ذلك إلي 170 ألف متقدم.
وإذا كان عدد العاطلين وفقا لهذه المسابقة قد بلغ 4.4 مليون علي الأقل في هذا الوقت من عام 2001، فما بالك بالموقف في الوقت الراهن.
لقد أكد مركز التخطيط القومي في دراسة هامة أن البطالة انعكست بالسلب علي الأوضاع الاجتماعية في البلاد حيث تزايدت معدلات الجريمة لتبلغ حدا فاق التوقعات حيث ثبت أن أكثر من 60 % من جرائم القتل والاغتصاب يرتكبها عاطلون، كذلك الأمر بالنسبة للقضايا الأخري خاصة السرقة بالإكراه وغيرها من الجرائم الخطيرة التي تزايد حجمها بالبلاد.
وهناك العديد من الدراسات التي أكدت أن معدلات الانتحار بسبب البطالة في ازدياد، وأن أحد مراكز الدراسات الاجتماعية أحصي انتحار أكثر من 3500 شخص عاطل علي مدي عامي 20052006 .
وفي نهاية ديسمبر من العام الماضي نشرت الصحف وقائع انتحار شاب يدعي عبدالحميد ربيع حصل علي دبلوم الزراعة منذ ثماني سنوات، ووالده أحيل علي المعاش المبكر ودفع قيمة ما حصل عليه لزواج إحدي بناته الأربع، واضطر للعمل بائعا للترمس علي كورنيش مدينة المنيا، مما دفع نجله عبدالحميد للسفر إلي القاهرة بحثا عن فرصة عمل، وبعد أن فشل قرر الانتحار في ترعة المريوطية حيث عثر علي خطاب داخل ملابسه يحكي فيه مآساته ويلعن الظروف الاجتماعية التي دفعته إلي الموت والانهيار، لقد تعلل رئيس الوزراء بالنمو السكاني المطرد وكأنه يريد أن يبرئ ساحة حكومته ونسي أو تجاهل أن بلدا مثل الهند وصل عدد سكانه إلي مليار نسمة في حين أن معدلات البطالة لم تزد علي 3.5 % ، أما بالنسبة لماليزيا التي يتزايد فيها النمو السكاني ليصل إلي 2.4 % في حين أنه في مصر لم يصل إلي 1.9 % فإن حجم البطالة في ماليزيا وصل فقط إلي 3.7 .
إذن.. كلها حجج واهية وادعاءات الهدف منها تبرير عجز الحكومة عن توفير فرص العمل للشباب بسبب السياسات الاقتصادية الخاطئة التي أدت إلي تكبيل البلاد بديون داخلية وخارجية تصل إلي نحو 668.8 مليار جنيه أي ما يوازي حوالي أكثر من 124 % من حجم الناتج القومي المحلي.
إنها سياسات فاشلة، تأتي علي حساب الأغلبية الكاسحة من المواطنين من أجل حفنة محدودة ممن سيطروا علي الثروة والسلطة فانعكس ذلك علي تراجع معدلات النمو، وافقار الشعب واختفاء الطبقة الوسطي، وزيادة حجم البطالة في البلاد.
إن المطلوب فورا هو إقالة هذه الحكومة الفاشلة وتشكيل حكومة جديدة ترعي مصالح الشعب وتعترف بالواقع المرير، وفي مقدمته الحجم الحقيقي للبطالة والذي تقدره بعض المصادر بما يقارب من 6 8 ملايين عاطل.
إن الذين يتحدثون عن السلبية والتطرف وزيادة معدلات الجريمة عليهم أن يدركوا أولا أن هذه المشاكل نتاج طبيعي لسياسات الحكومات المتعاقبة منذ صدور أول قانون لرأس المال الأجنبي والعربي في عام 1974 .
وإذا أردنا حقا الإصلاح فلن يكون أمامنا سوي أن نعيد قراءة الواقع جيدا، وأن نحدد انحيازاتنا والعودة مرة أخري إلي سياسة التخطيط، ووضع برنامج مستقبلي لحل مشاكل البلاد، ومقاومة الفساد، واحتكار الثروة.. هنا فقط يتولد الأمل، أما غير ذلك فكل شيء معرض للانهيار.