2007-10-22, 08:57 PM
قضى الانسان البدائي لياليه مسهدا تحت اديم السماوات الصافية متأملا النجوم البراقة التى ترصع قبة السماء مبهرة عيناه ببريقها .و سرعان ما ربط بين اشكالها النجمية عندما قام بتوصيلها ببعضها البعض بخطوط وهمية كما رآها فى خياله على شكل الموجودات من حوله : فهذا على شكل عقرب و ذاك على شكل ثور و هكذا دواليك.
و شيئا فشيئا ربط الانسن بين مواقع هذه النجوم و حياته اليومية فظهور نجم الشعرى اليمانية فى شهر اغسطس مثلا من كل عام كان بشيرا و نذيرا على فيضان النيل الاتي .و هكذا قدسوا نجما لاعلاقة له بالحدث الارضي لاقترانه بهذا الحدث بصفة دورية.
لم يكن اسلافنا يعلمون ان كل شىء فى الكون يدورحول نفسه و حول مركز ثقل اخر يجذبه: فالقمر يدور حول الارض و الأرض تشد معها القمر و يدوران حول الشمس و الشمس ذاتها تقطع رحلة طويلة فى نحو 250مليون سنة لتتم دورة واحدة حول مركز مجرتنا درب التبانة و تتحرك معها فى هذه الرحلة سائر الكواكب و النجوم المحيطة بنا بنفس السرعة تقريبا - أقول تقريبا _ ذلك ان هذه السرعة التقريبية لهذه النجوم المحيطة بنا هى ما جعلتنا نطلق عليها اسم النجوم الثابتة فهى تبدو لنا فى اعيننا نحن الذين لا نعمر قرنا من الزمان ثابتة اما على مستوى المقياس الكوني الذى تبلغ فيه السنة المجرية 250 مليون سنة فلابد ان تؤثر هذه السرعة التقريبية على مواقع النجوم لبعضها البعض. فإذا عرفنا أن عمر البشرية كلها لا يتجاوز 35 الف سنة طبقا لاقدم حفريات البشر المعروفة لادراكنا مدى الوهم الذى وقعنا فيه حين رسمنا هذه الخرائط النجمية الثابتة و ما هى بثابتة . فبعد دورة واحدة للشمس حول مركز المجرة و عندما تعود الشمس لنفس موقعها الحالي من المجرة بعد 250 مليون سنة فانها ستكون محاطة بمجموعة اخرى من النجوم هى جد مختلفة و حينئذ لن تتواجد الابراج التى نعرفها بصورتها الحالية. أضف الى ذلك ان هذا المنظر النجمى للابراج هو من واقع مشاهدتنا لها على الارض اما لو تحركنا لمجموعة نجمية اخرى فلن نحاط ابدا بهذا المنظر المجمى نتيجة لاختلاف توزيع النجوم المحيطة بنا بناء على الموقع الجديد.
خلال النهار تبدو الشمس و كأنها تتحرك من الشرق الى الغرب مع انها لا تفعل ذلك فالارض هى التى تدور حول نفسها من الغرب الى الشرق و من يعكف على دراسة حركة الشمس بعد الغروب يلاحظ انها تحتل امكنة مختلفة فى السماء تنتقل بينها خلال السنة و يسمى هذا المسار السنوى للشمس بدائرة الابراج و لا يزيد أمر ذلك المسار كحال تجمعات النجوم على كونه وهما بصريا خالصا و ما يحدث فعليا هو ان الارض تور حول الشمس كطفل يشارك فى حفل حفل راقص حيث يشبك يديه بيدي راقص دوار فى الوسط يدور به حول محوره فى نفس الاتجاه فيرى الطفل الشخص الدوار فى المنتصف و كأنه يتحرك على خلفية الاشياء التى تدور فى الخلف و يحتل ذلك الشخص المحورى الذى يشبه موقع الشمس الثابتة بالنسبة الى الارض أمكنة مختلفة فى هذه المشهدية الدائرية الفوارة . و للسبب عينه تبدو الشمس و كأنها تتحرك على خلفية النجوم.
و الآن يا اصدقائي استعدوا لتلقى الضربة القاضية على فن التنجيم :
حيث ان سرعة دوران الارض حول نفسها تتباطأ بمعدل ثلاثون ثانية كل قرن من الزمان - بمعنى ان الساعات التى تضبط اليوم ستصبح متأخرة بمقدار 30 ثانية بعد قرن من الزمان . فإنه نتيجة لهذا التباطؤ فى سرعة دوران الارض الذى لم تكتشفه الا المراصد الحديثة و اجهزة القياس العلمية المتقنة المعاصرة فقد وجدنا انه فى معظم الفترة من 21 مارس الى 20 ابريل تكون الشمس فى برج الحوت و ليس الحمل.فإذا كنت يا صديقى القارئ مثلى من مواليد برج الحمل التاريخي فعليك ان تراجع حساباتك فقد اصبحت الان بفضل تباطؤ السرعات الكونية من مواليد برج الحوت الحقيقي الذى تحتله الشمس فى الوقت الذى لا زال منجمونا يرتدون قبعات السحر و الشعوذة و هم يحددون مصائرنا بنجوم لم نولد حتى بالقرب منها. فبخ بخ ايها المنجمون على حظكم العاثر فالعلم لكم بالمرصاد.و صدق من قال " كذب المنجمون و لو صدقوا " .
مع تحياتي : دون كيشوت المصري don_quijote de Egypte
KHAIRI ABDEL GHANI